طائرة ريد بول تخترق نفقاً بسرعة 245 كلم/س في سابقة عالمية

 

 

الطيار الإيطالي داريو كوستا يعبر نفقَي تشاتالكا في أقلّ من 44 ثانية.

 

 

سطّر طيار السباقات والمجازفات المحترف الإيطالي داريو كوستا فصلاً جديداً في تاريخ الطيران بعدما حلّق بطائرة سباقات داخل الحدود الضيّقة لنفقَي سيارات أغلقا خصيصاً للحدث في ضاحية اسطنبول.

 

ووسط أجواء شبه مظلمة وداخل قوس جداري من الإسمنت، نفّذ كوستا إقلاعاً صعباً في النفق الأول، ليعبر كالبرق الجزء المكشوف من الطريق قبل أن يواصل رحلته مخترقاً النفق الثاني بسرعة 245 كلم/س، وهو يحلّق على ارتفاع أقلّ من مترٍ واحد فوق الإسفلت. إليكم أبرز المعلومات المتعلقة برحلة اختراق النفق (Tunnel Pass):

كوستا البالغ من العمر 41 عاماً، فاز في الفئة الأولى للبطولة الأوروبية للطيران الأكروباتي، وأصبح أول إيطالي يخوض منافسات السلسلة العالمية لسباق ريد بُل الجوي، محققاً فوزاً مستحقاً في فئة التحدي. وهو يتمتع بخبرة أكثر من عقدَين من الزمن في الطيران، وفي سجّله إنجازات كثيرة طبعت مسيرته، مع قيادته أكثر من 60 نموذجاً من الطائرات، وتحقيقه ما يزيد عن خمسة آلاف ساعة في الجو، أكثر من نصفها في بطولات أكروباتية ذات أداء عالٍ.

 

رحلة اختراق النفق كانت بلا منازع المهمة الأكثر تطلباً وتعقيداً، وهي استلزمت فريقاً من 40 شخصاً، وتكنولوجيا للتمرين مطوّرة خصيصاً للحدث، إضافة إلى أكثر من سنة من التحضير.

 

وقد تمت إحاطة الحدث بالسريّة لتجنّب أي تأثيرات خارجية، وتأمين التركيز الكامل لإنجاز تحليق ناجح لم يكن قبل سنةٍ سوى مجرد فكرة بسيطة.

 

نفقا تشاتالكا اللذان يقعان على طريق مرمرة الشمالي خارج اسطنبول، يشكلان عملاً هندسياً فريداً، لكنهما صُمِّما لمرور السيارات، وليس لتحليق طائرة.

 

وفي طائرة السباقات المعدّلة خصيصاً للحدث “زيفكو إيدج 540″، أقلع كوستا من داخل النفق الأول في الساعة 6:43 صباحاً في التوقيت الصيفي لوسط أوروبا، في ساعة مبكرة كانت فيها الأجواء مثلى والشمس خلف الطيار. والمسافة العليا المحدودة كانت تعني أن على الطيار أن يبقي الطائرة على مستوى متوسّط يتراوح بين 70 سنتيمتراً ومترٍ واحد فوق الإسفلت، وكذلك على بعد مسافة ضيّقة تقرب من 3,5 أمتار بين طرف كل جناح وجدارَي النفق. وما زاد المسار تعقيداً وجود تغييراتٍ في انحاءة النفق وشكله.

 

ومن لحظة الإقلاع إلى حين الخروج من النفق الثاني، دامت الرحلة 43,44 ثانية، على امتداد مسافة 2,260 متراً/2,26 كلم بسرعة قصوى وصلت إلى 245 كلم/س.

 

وشكّل التغيير في دفق الهواء مضافاً إلى الحساسية القصوى لتوجيه الطائرة تحديَين تطلبا ردود فعل من الطيار في أقل من 250 جزء من ألف من الثانية، وحركيّة مثلى من اليدَين بدقّة مجرّد ميليمترات طوال الرحلة السريعة. وإحدى اللحظات الأكثر دقة أتت عند المسافة المفتوحة بين النفقين الممتدة على 360 متراً، والتي عرّضت الطائرة إلى رياح جانبية عندما كان كوستا يتحضّر لدخول الفتحة المنخفضة والضيّقة للنفق الثاني.

 

وقد وصف كوستا الأمر بالقول: “بدا أن كل شيء يحدث بسرعة، ولكن عندما خرجت من النفق الأول، بدأت الطائرة تميل نحو اليمين بسبب الرياح الجانبية، وفي رأسي، تباطأ كل شيء في هذه اللحظة. قمت بالتصرّف وركّزت على إعادة الطائرة إلى المسار الصحيح لدخول النفق الآخر. ثم بدأ كل شيء في رأسي بالتسارع من جديد.

 

عندما خرجت الطائرة كالسهم من الجانب الآخر، انطلق كوستا نحو الأعلى منفذاً دوراناً احتفالياً في الجو قبل الهبوط. وقال الطيار والفرحة تغمره: “لم أحلّق يوماً داخل نفق، لم يقم أي أحد بذلك أبداً، لذا ارتسمت علامة استفهام كبرى في رأسي، إن كان كل شيء سيجري مثلما توقعناه أم إن كان يجب أن أرتجل. أشعر بارتياح كبير بالطبع، ولكن الفرحة العارمة كانت الشعور الأبرز بالنسبة لي، إنه حلم جديد يتحوّل حقيقة.”

 

ودخل الإنجار إلى سجلات موسوعة غينيس للأرقام القياسية العالمية: أطول تحليق بطائرة داخل نفق (1610 أمتار). كذلك سجلّت أرقام قياسية بارزة أخرى: أول تحليق بطائرة داخل نفق، أطول طيران تحت حاجز صلب (1610 أمتار)، أول تحليق لطائرة عبر نفقَين، أول إقلاع لطائرة من داخل نفق.

 

وتتلمذ كوستا على يدي طيار السباقات والعروض الأكروباتية المجري بيتر بيشينيي، 65 عاماً، وهو أسطورة في عالم الطيران اشتهر بدوره في تطوير سباق ريد بُل الجوي وخوض منافساته. ويُعرف بيشينيي كذلك بإنجازاته ومنها الطيران رأساً على عقب تحت جسر السلسلة في بودابست.

 

وقال بيشينيي: “التحليق داخل نفق ليس وضعاً طبيعياً. الأهم في إنجازه هو التحضير الذهني.

 

الطيران بشكل مستوٍ على ارتفاع مترٍ واحد من الأرض بحسب خطٍ وسطي ليس بالأمر الصعب تقنياً إن كنت فوق مدرج.

 

ولكن داخل نفق، خصوصاً نفق مظلم، والخروج من النفق إلى الضوء قبل العودة إلى نفق مظلم آخر، فإن الأمر يختلف هنا.

 

وكذلك ثمة موجات هوائية يمكن أن تؤثر على الرحلة، ويجب أن تتوقع مصادفة بعض المطبات. الأمر صعب ذهنياً إذ إنك تعلم أن أي غلطة ترتكبها، فإن الجدار لن يرحمك.”

Exit mobile version