في عيد ميلاده الـ 36.. ميسي هدية من السماء – مُلهم لعشاقه وملجم لحسَاده

هناك عالم فيزيائي يدعى “نيوتن”، هناك رسام عالمي يدعى “دافنشي”، هناك فيلسوف يوناني يدعى “أرسطو”، وهناك عبقري كرة قدم يدعي “ليونيل اندرياس ميسي” الذي غير مفهوم كرة القدم الأوروبية والعالمية، منذ 36 عامًا ولد هذا العبقري في مدينة روزاريو الأرجنتينية، بالتحديد يوم الرابع والعشرين من يونيو عام 1987.

اليوم السبت نحتفل بظاهرة لم ولن تتكرر في المستقبل القريب، وربما البعيد، انه لوغاريتم غير طبيعي ذو اُسس لاتينية، في معادلة تاريخية صعبة، لم تفكك رموزها منذ ان بدأ مداعبة كرة القدم عندما كان طفلًا.

يعد البرغوث نجم منتخب الأرجنتين والذي ارتدي تيشيرت برشلونة الإسباني وباريس سان جيرمان الفرنسي من قَبل وسيكون في إنتر ميامي الأمريكي، أحد أفضل أباطرة اللعبة، إن لم يكن الأعظم علي الإطلاق، منذ بداية الكرة وحتي نهايتها!

لدرجة ان عشاقه من جماهير برشلونة أطلقوا عليه لقب “ديوس”، التي تعني “الرب” باللغة الإسبانية، وهذا تعبير مجازي عن شدة حبهم لليونيل ميسي، ومدي عبقريته الفذة في عالم الساحرة المستديرة الذي استمرت لقرابة العقدين من الزمن.

ويتسأل عشاق كرة القدم بشكل عام، وعشاق البلوجرانا بشكل خاصةً، كيف ستكون الحياة بدون ليونيل ميسي؟ وكيف نشاهد كرة القدم بعد إعتزاله؟ أليس هو الأفضل في تاريخ اللعبة؟ كل هذا يدور في أذهان الجميع، فالبعض يشاهد أن هذه الأسئلة منطقية نظرًا لبراعة هذا القصير المكير، والبعض الأخر يري أنه أسطورة كمثل الأساطير السابقة، وليس كالبطل الخارق كما يدعوا محبيه علي حد قولهم!

هُنا يحضرني مقولة للمعلق التونسي الشهير “عصام الشوالي” في الكلاسيكو بين برشلونة وريال مدريد يوم 21 نوفمبر 2015، عندما قال الكورة بدون ميسي كالحياة بدون حب! صدق الشوالي في هذا، الحب شئ أساسي في حياتنا حب الأبن للأب والأم وحب الحبيب للحبيبه وحب عاشق كرة القدم لملهم وقدوة ومثل أعلي، ولا أحد أفضل من ليونيل ميسي يكون مثال يحتذي به.

جميع المدربين الذين واجهوا برشلونة بعد ظهور ميسي أجمعوا، ان إحتمالية الفوز كبيرة في عدم وجود ميسي داخل أرض الملعب، وعندما يكون جليس مقاعد البدلاء، يستطيع في أي لحظة بعد دخلوه لأرض الملعب تغيير نتيجة المباراة في أي وقت.

يعيش البرغوث الأرجنتيني أخر مراحل حياته الكروية أنه يبلغ من العمر عتيًا، وربما يعتزل الكرة نهائيًا قبل كأس العالم 2026، حينها سيكون وصل لعامه التاسع والثلاثون، وربما يستمر حتي عامه الأربعين كما صرح من قبل في مقابلة صحفية، أي أن المُتبقي ليس بالكثير كما فات، وتنتهي متعة كرة القدم، وينتهي السحر الذي يقدمه في كل مباراة يخوضها.

يستطيع ليونيل ميسي اللعب حتي عمر الأربعين عامًا، نعم نشاهد هذا العمر في ملاعب كرة القدم ولكن هذا يتعلق بحراس المرمي، ولكن لما يقدمه من عظمة في الأداء، لا يضاهيه أحد، فلما لا أن يستمر في عزف سيمفونية جميلة لعشاقه وعشاق الكرة، ربما يتغير مركزه من الجناح لصانع الألعاب لديه حرية حركة، علي الرغم من انه يقوم بجميع الأدوار في الشق الهجومي، لديه عين الصقر، الذي يشبه قطعة الوزير علي رقعة الشطرنج، القطعة الحرة التي تتحرك كيفما تشاء وفي أي اتجاه.

نحن كمشجعين لبرشلونة لا نعشق ميسي بسبب انتماءنا للبارسا فحسب حتي بعد مغادرته منذ عامين أسوار النادي الكتالوني، ولكن ليو خارج الملعب لا يختلف كثيرًا عن ليو داخل الملعب، فهو يتمتع بالتواضع الشديد، وإلتزامه وتركيزه لكي يحافظ علي مستواه المبهر والثابت منذ ان داعب الكورة.

عظمة ميسي “والعظمة لله بكل تأكيد” كلاعب كرة قدم جميعنا نعلمها، ولكن عظمته الانسانية مع المقربين منه سواء لاعبين او في حياته الأسرية، الكثير لا يعلمها ولكن العاشقين له يعرفون أدق تفاصيل حياته، ومتابعين له علي السوشيال ميديا بشكل دائم.

دائمًا يقف بجوار زملائه الذي يعانوا من سوء حظ مع برشلونة، أمثال سواريز وكوتينهو وفي السابق نيمار، وكما فعل معه رونالدينهو في بداية مشواره يرد الدين لجميع اللاعبين الذين يرتدوا تيشيرت البارسا، وجميع اللاعبين أثنوا علي معاملة ميسي لهم في أول أيام لهم في برشلونة من ترحيب شديد لهم وأن يكونوا أصدقاء وفي مساعدته دائمًا.

حتي الراحلين أمثال زلاتان إبراهيموفيتش أو دافيد فيا أو أليكسيس سانشيز أو بيدرو أكدوا أن رحيلهم عن الفريق الكتالوني ليس بسبب ميسي، أنه قائد وإنسان ومتواضع حقًا، ودليل علي كلامهم لا نجد تصريح لليو أنه الأفضل في العالم علي الرغم من كونه هذا، ولا نجد تصريح أنه الأفضل في التاريخ علي الرغم أيضًا أنه هكذا، دائمًا ليو ينسب لما وصل إليه لزملائه وتعاونهم معه وليس بسبب عظمته!

سنجد الراحل الأرجنتيني أرماندو مارادونا يقول إذا لم أكن أنا أفضل لاعب في التاريخ فمن سيكون؟ ونشاهد الراحل البرازيلي بيليه كان يصرح أنا أفضل لاعب في التاريخ، والبرتغالي كريستيانو رونالدو يقول أنا الـ GOAT “الأعظم علي الإطلاق”، أنا الافضل في التاريخ، وعندما تجد تصريح لليونيل ميسي يقول أنه يوجد العديد من اللاعبين العظماء، لست أنا من أحدد ما إذا كنت الافضل في التاريخ، الناس هي التي تحدد ذلك، تعرف مدي تواضعه الشديد.

وربما بعدما حقق كل شيء على حد قوله منذ أيام في عالم كرة القدم، وكان آخرها مونديال قطر 2022 الذي جاء بعد معاناة طويلة منذ ان شارك في أول مونديال 2006 بألمانيا، وظل يحارب ويقاتل من اجل ان حقق حلم كل أرجنتيني بشكل خاص، وحلم كل مشجعيه وعشاقه في أنحاء العالم، فأصبح الأكثر تكاملًا في كرة القدم وليس فقط لأنه الأكثر تحقيقًا للألقاب بـ 43 بطولة، ولكن لتحقيقه كل الانجازات الجماعية والفردية الممكنه، ليكون أفضل لاعب في تاريخ الكرة بالبرهان والدليل.

وعلى المستوي الشخصي ليو يرتبط بـ أنتونيلا روكوزو زوجته وأم أولاده، فلديه منها 3 أولاد “تياغو وماتيو وسيرو”، وليس أرتباطه بها عند زواجه منها في 2017 ولكن منذ أن كان عمره 16 عامًا وهو مرتبط بها، ويمارس حياته الطبيعية بشكل عادي كأي زوج وأب، ويظهر في صور مع أبناءه عائدين من المدرسة في تواضع منه علي الرغم من نجوميته.

بُرهانًا لهذا فأن الساحرة المستديرة بدون البرغوث الأرجنتيني مثل الأبن بدون الأم الذي يفتقدها في أي وقت من عمره، يشعر باليتم والغربة في هذه الحياة، وستكون كرة القدم بدون ميسي هكذا.

Exit mobile version