تقارير

المشروع الرياضي ليس وسيلة مواصلات .. هو هدف وتخطيط في أوروبا

أصبح الإستثمار الرياضي أحد أكبر المشروعات المربحة على مستوى العالم، سواء على مستوى الأندية أمثال ” باريس سان جيرمان، مانشستر سيتي، بالإضافة لمجموعة ريد بول”، أو كذلك منتخبات كانت غائبة منذ فترة كبيرة ، رجعت بقوة كبيرة للساحة مرة أخرى، وذلك بالاعتماد على التخطيط والدراسة الصحيحة والتي بدورها ظهرت نتائجها بشكل واضح، ولنا في المنتخب” البلجيكي” وكذلك منتخب المجر ، بالإضافة لمنتخب “تشيلي” خير مثال.

فريق ريد بول لايبزيج الألماني والذي تم إنشائه في عام 2009، حيث بدأ المنافسات من الدرجة الألمانية الأدنى” الدرجة الخامسة” عن طريق مالكه” ديتريش ماتشيز”، أصبح اليوم من الفرق القوية والمنافسة على البطولات المحلية الألمانية وكذلك الأوروبية.

لم يعتمد ملاك النادي ولا رئيسه السابق ” أندرياس سادلو” والذي كان وكيلًا للاعبين، على صرف الأموال بل اعتمد على جذب المواهب الصغيرة من حول أوروبا وجمعها في نادي صغير، وكلن ذلك سهلًا لطبيعة عمله كوكيل سابق.

حدد ملاك الفريق الألماني مبلغ 90 مليون يورو فقط للتعاقدات، وكانت الصفقة الأغلى الذي أبرمها الفريق الحديث العهد هي التعاقد مع الدولي الغيني “نابي كيتا”من الشقيق الأصغر في مجموعة ريد بول “سالزبورج النمساوي” وبمبلغ قدره 12 مليون يورو فقط.

وكان التصريح القوي لمالك النادي” ديتريش سادلو” بعام 2011، أي بعد عامين فقط من إنشاء النادي بمثابة شرارة الإنطلاق، حينما قال” أمامنا ثلاث إلى خمس سنوات للوصول إلى البوندسليجا”.

ولم ينتهي طموح الفريق الألماني عند هذا الحد، حيث تابع سادلو” نطمح إلى اللعب في الدرجة الأولى ومن هناك يمكننا الوصول إلى دوري أبطال أوروبا” وكما كان مخطط وصل لايبزج إلى الدرجة الأولى في خمس سنوات” وتحديدًا في موسم 2017، عن طريق المخضرم” رالف رانجنيك” صاحب الصعود،ليبدأ الفريق في تحديه الجديد.

ونجح الفريق الشاب من إنهاء موسمه الأول بالبوندسليغا في المركز الثاني خلف العملاق البافاري” بايرن ميونخ” بعدما كان منافسًا قويًا على لقب الدوري، وتحديدًا عن طريق مدربه النمساوي ” رالف راسنهوتل”وبالتالي ضمن تأهله للمشاركة في البطولة الأوروبية الأعرق” دوري أبطال أوروبا” وذلك بعد أول مشاركة له بالدوري الألماني الممتاز.

ونجح الفريق الألماني من الوصول للدور نصف النهائي في المشاركة الأوروبية الأولى على مستوى دوري أبطال أوروبا، قبل أن يغادر من الباب الكبير حينما انهزم من العملاق الفرنسي” باريس سان جيرمان” بفارق هدف واحد.

أما عن الموسم المنقضي، فقد نجح الفريق الألماني في الوصول للدور نصف النهائي من بطولة الدوري الأوروبي” يوروبا ليغ” قبل أن يودع البطولة على يد العملاق الأسكتلندي” رينجرز غلاسكو”.

أما على مستوى المنتخبات، فهناك المنتخب البلجيكي القوي وصاحب التصنيف الأول على مستوى العالم لثلاث سنوات كاملة، وبعد فترة زمنية ليست بالقليلة عانى فيها المنتخب من قلة المواهب بالإضافة للغياب عن المحافل العالمية، جاء عام 2011، لتبدأ ثورة التصحيح والعودة للمسار الصحيح عن طريق جيل قوي بمدرب شاب انذاك بالإضافة لكونه نجم بلجيكي كبير، وهو ” مارك فيلموتس”.

حيث نجح فيلموتس في قيادة بلاده للوصول لمونديال 2014، والذي أقيم بالأراضي البرازيلية، ونجح في الوصول للدور ربع النهائي، قبل الخروج على أيدي المنتخب الأرجنتنيني المتمرس بقيادة أسطورته ” ليونيل ميسي” والذي نجح في العبور لمباراة نصف النهائي بهدف الهداف” جونزالو هيجواين”.

ليأتي عام 2016، ويشارك المنتخب البلجيكي المدجج بالنجوم العالمية أمثال” تيبو كورتوا، الدرفايلد، فيرتونخين، فيرمايلين، اكسيل فيتسيل، رادجا ناينجولان، موسى ديمبيلي، كيفن دي بروين،ديرايس ميرتينز، روميلو لوكاكو، والمبدع إيدين هازادر” ليصل الفريق للدور ربع النهائي ويخرج من الحصان الأسود للبطولة ” منتخب ويلز”.

ثم جاءت نسخة كأس العالم الماضية، والتي أقيمت بالأراضي الروسية، لتشهد مدى التطور والقوة للمنتخب البلجيكي، والذي نجح في حصد الميدالية البرونزية والمركز الثالث بعد الفوز على منتخب الأسود الثلاثة” إنجلترا”.

وكان المنتخب البلجيكي قد نجح في اقصاء المنتخب البرازيلي في الدور ربع النهائي بعدما انتصر عليه بهدفين مقابل هدف واحد، ولكنه لم يتمكن من العبور للمباراة النهائية بعدما هزم من بطل النسخة” منتخب فرنسا” بهدف دون رد.

ومازالت عقدة تحقيق البطولات مستمرة للمنتخب العالمي بلجيكا، وتحديدًا في النسخة الأخيرة من بطولة كأس الأمم الأوروبية والتي نجح المنتخب الإيطالي من الفوز بلقبها، وكان الأتزوري قد نجح في الإنتصار على منتخب بلجيكا في الدور ربع النهائي ليخرج المنتخب البلجيكي خالي الوفاض مجددًا.

وينتظر الجيل الذهبي البلجيكي بقيادة مدربه الإسباني” مارتينيز” بطولة كأس العالم المقبلة والتي ستقام نهاية العام الجاري بالعاصمة القطرية الدوحة، لمحاولة التتويج باللقب ولما لا وهو المنصف الأول عالميًا بجيل إستثنائي”، والذي يمتلك الكثير من اللاعبين اصحاب الخبرات العالية بالإضافة لأسماء شابة ترغب في تسطير تاريخ رفقة المنتخب، أمثال” تولغان هازارد، يوري تايليمانس” والبقية.

ومن المدارس الكروية التي تتبع دائمًا المشاريع الكروية ذات النتائج المبهرة، منتخب ألمانيا، والذي يمتلك أكبر بنية تحتية على مستوى اللاعبين، بالإضافة للكثير من المدربين الشباب أصحاب الدراسات والتخطيط، والذي دائمًا ما يكون منافسًا شرسًا على كل البطولات المشارك في مناسبتها.

حيث نجح المنتخب الألماني من تحقيق لقب بطولة كأس العالم 2014، والذي أقيم بريودي جانيرو البرازيلية، بقيادة مدربه” يواخيم لوف”بعدما نجح ماريو غوتزه من خطف هدف البطولة من المنتخب الأرجنتيني القوي، بعدما أطاح براقصي السامبا بسباعية خالدة مقابل هدف واحد بمعقله التاريخي” ماراكانا”.

وجاءت النسخة الماضية من بطولة كأس القارات والتي أقيمت بالأراضي الروسية، والتي نجح المنتخب الألماني من التتويج بلقبها على حساب منتخب تشيلي العنيد، وذلك بالمنتخب الألماني الثالث آنذاك، والذي ضم العديد من العناصر التي أصبحت الآن ركيزة أساسية للماكينات الألمانية، أمثال:” سيرج جنابري، تيمو فيرنر، كاي هافيرتز”.

وكما الحال مع المنتخبات العالمية ذات الباع الطويل، هناك العديد من المنتخبات المتطورة على الصعيد العالمي سواء على مستوى القارة الإفريقية او حتى العالمية، حيث شهدت بطولة كأس الأمم الإفريقية الأخيرة والتي أقيمت بالعاصمة الكاميرونية” ياوندي” تواجد العديد من المنتخبات الإفريقية التي تطورت بشكل مذهل وظهر هذا جليًا حيث لم تكتفي تلك المنتخبات من المشاركة فقط.

حيث نجح المنتخب الجامبي المغمور من تحقيق مفاجأة مدوية بصعوده للدور ربع النهائي للمرة الأولى في تاريخه وذلك بقيادة مدربه البلجيكي” توم سينتفيت”، والذي اصطدم بمنتخب القرن الإفريقي وصاحب الدار” منتخب الكاميرون” ليودع منافسات البطولة من الباب الكبير.

وفي السياق نفسه، نجح منتخب جزر القمر، من كتابة تاريخ كبير حيث نجح في إقصاء منتخب غانا بقيادة نجمه” أندريه أيو” ليعبر رفقة منتخبي المغرب والجابون” للدور ربع النهائي، وذلك للمرة الأولى في تاريخه.

وبالرغم من غياب الكثير من لاعبيه بسبب جائحة كورونا وكذلك غياب حراس المرمى ومشاركة ظهيره الأيسر لي مركز حراسة المرمى، الا ان منتخب جزر القمر والملقب بمنتخب” الجميزة” أحرج صاحب الدار المنتخب الكاميروني، وانهزم بهدفين مقابل هدف واحد بشق الأنفس، ليودع المنافسات من الباب الكبير.

جدير بالذكر، أن التطور المذهل سواء على مستوى اللاعبين او كذلك الإدارات الفنية المختلفة، أصبحت تعتمد بشكل كلي على الدراسات والتخطيط، و أصبح علم التخطيط الرياضي مطلب أساسي لتحقيق النجاحات و الإنجازات، ولم يعد الأمر مقتصرًا على ممارسة كرة القدم فقط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى