في عالم الرياضة، وتحديدًا في كرة القدم، يصبح اللاعبون أحيانًا أسرى لأخطاء لحظية قد تكلفهم الكثير، تلك الأخطاء، التي ربما تكون خارج إرادتهم، تتحول إلى نقطة سوداء في مسيرتهم، تظل تلاحقهم بلا هوادة، محمد أشرف، ظهير أيسر نادي زد، يعيش هذه اللحظات العصيبة الآن بعد أن تعرض لانتقادات حادة بسبب خسارة فريقه لقب كأس مصر، الانتقادات التي لم تقتصر فقط على أدائه في الملعب، بل تجاوزت الحدود لتنال من شخصه ومن تاريخه كلاعب، لكن، هل الهجوم الكاسح على محمد أشرف هو الطريق الصحيح؟ أم أننا نسير في اتجاه قد يساهم في تدمير نفسية لاعب شاب يحتاج للدعم بدلاً من الهدم؟
الهجوم لا يصنع الأبطال
من السهل جدًا أن نوجه أصابع الاتهام نحو لاعب معين بعد خسارة مباراة هامة، خاصة إذا كانت هذه الخسارة مرتبطة بلقب طال انتظاره، في كرة القدم، حيث يكون الضغط على اللاعبين كبيرًا، يكون إغراء إلقاء اللوم على فرد معين هو الطريق السهل، لكن الحقيقة هي أن كرة القدم لعبة جماعية تعتمد على أداء الفريق ككل، وليس فرد واحد فقط.
محمد أشرف، الذي يتعرض الآن لهجوم شديد، هو لاعب قدم الكثير لنادي زد على مدار الموسم، أخطاؤه في مباراة واحدة لا تقلل من قيمته كلاعب، إذا استمر الهجوم على أشرف بنفس الحدة، فقد نجد أنفسنا أمام لاعب محطم نفسيًا وغير قادر على تقديم المزيد لفريقه، بل وربما ينتهي به الحال كما انتهى ببعض اللاعبين الذين لم يستطيعوا تحمل الضغوط النفسية التي فرضت عليهم.
محمود علاء.. دروس من الماضي
لنتذكر ما حدث مع محمود علاء، مدافع الزمالك السابق، عندما تعرض لنفس النوع من الهجوم بعد بعض الأخطاء التي ارتكبها، محمود علاء كان يُعتبر من أعمدة الفريق، وكان واحدًا من أفضل المدافعين في مصر، لكن بعد سلسلة من الأخطاء التي تزامنت مع تراجع أداء الفريق، تحول محمود علاء من بطل إلى هدف للانتقادات اللاذعة، الجمهور والإعلام لم يرحمه، وتعرض لضغط نفسي كبير أثر على مستواه وثقته بنفسه.
بسبب هذا الهجوم المستمر، دخل محمود علاء في دوامة من الشكوك والتردد، مما جعله يفقد الكثير من بريقه داخل الملعب، لقد تحول من لاعب يعول عليه فريقه إلى لاعب يبحث عن فرصة لإثبات نفسه من جديد، وفي بعض الأحيان، كان يبدو أن فرصة العودة إلى مستواه السابق تكاد تكون مستحيلة.
ما حدث مع محمود علاء هو تحذير لنا جميعًا عندما يتحول النقد إلى هجوم شخصي عنيف، فإنه يصبح أداة لتدمير اللاعبين بدلاً من مساعدتهم على التطور، محمود علاء لم يكن حالة فردية، بل هو مثال على ما يمكن أن يحدث عندما يتعرض اللاعبون لضغوط نفسية غير مبررة، ونحن الآن أمام حالة مشابهة مع محمد أشرف، الذي قد يسير على نفس الطريق إذا استمر الهجوم عليه بنفس القسوة.
اللاعبون هم بشر قبل كل شيء
اللاعبون، على الرغم من قوتهم البدنية والمهارية، يحتاجون إلى دعم نفسي مستمر، كرة القدم ليست مجرد رياضة تعتمد على الأداء البدني فحسب، بل هي أيضاً لعبة ذهنية تتطلب من اللاعبين أن يكونوا في قمة تركيزهم وثقتهم بأنفسهم، عندما يشعر اللاعب بأنه مهدد أو محاصر بانتقادات جارحة، فإنه يفقد جزءاً من هذه الثقة، مما يؤثر بشكل مباشر على أدائه في الملعب.
بدلاً من أن نكون جزءًا من الهجوم الذي يمكن أن يدمر نفسية لاعب شاب، يجب علينا أن نكون داعمين، النقد البنّاء، الذي يهدف إلى تصحيح الأخطاء وتحسين الأداء، هو ما يحتاجه اللاعبون، على الجمهور أن يدرك أن اللاعب، مثل أي إنسان آخر، يمكن أن يخطئ، وأن الهجوم الشخصي لن يساعده على تصحيح مساره.
تأثير الانتقادات على المستقبل
عندما يتحول النقد إلى هجوم شخصي، قد لا يؤثر ذلك فقط على اللاعب في اللحظة الحالية، بل قد يمتد تأثيره إلى المستقبل، محمد أشرف، مثل العديد من اللاعبين الشباب، يمر بمرحلة حاسمة في مسيرته الكروية، إذا استمر الهجوم عليه بنفس الحدة، قد نجد أنفسنا أمام لاعب يفقد الثقة في نفسه ويعاني من تراجع كبير في مستواه.
على المدى البعيد، قد يتسبب هذا الهجوم في فقدان موهبة شابة كانت تمتلك الكثير لتقدمه، إننا بحاجة إلى أن ندرك أن مستقبل اللاعبين قد يتأثر بشكل كبير بطريقة تعاملنا معهم في لحظات الفشل.
دعم اللاعبين في لحظات الفشل
على الجماهير والإعلام أن يدركوا أن اللاعبين، مثل أي شخص آخر، يحتاجون إلى الدعم في لحظات الفشل، بدلًا من الهجوم، يمكننا أن نكون جزءًا من الحل من خلال تقديم النقد البنّاء والدعم النفسي الذي يساعد اللاعب على النهوض من جديد، اللاعبون يمرون بلحظات صعبة، ودور المشجعين يجب أن يكون في مساعدتهم على تجاوز هذه اللحظات، وليس في تعقيد الأمور عليهم.
الهجوم ليس حل
الهجوم العنيف على محمد أشرف بعد خسارة نادي زد لقب كأس مصر ليس هو الحل، علينا أن نتعلم من دروس الماضي، مثلما حدث مع محمود علاء، وأن نعمل على تقديم الدعم النفسي اللازم للاعبين، كرة القدم هي لعبة لا تخلو من الأخطاء، واللاعبون بشر قبل كل شيء، دعونا نتعامل مع أخطائهم بروح الدعم والمساندة، وليس بروح الهجوم والتدمير، مستقبل اللاعبين قد يتأثر بكيفية تعاملنا معهم في لحظات الفشل، وهذا ما يجب أن نضعه نصب أعيننا دائمًا.