كورة اسبانية

ريال مدريد.. أساطير صنعت التاريخ وخلدت المجد عبر 123 عامًا

 

 

 

على مدار أكثر من قرن، لم يكن ريال مدريد مجرد نادٍ لكرة القدم، بل كان مؤسسة رياضية عظيمة، شهدت ولادة أساطير لا تُنسى وصناعة أمجاد أبهرت العالم. منذ تأسيسه في 6 مارس 1902، أصبح الميرنجي مرادفًا للبطولات والتاريخ، وموطنًا لأعظم اللاعبين الذين سطروا أسماءهم بأحرفٍ من ذهب.

 

ريال مدريد لم يكن يومًا مجرد فريق ينافس على البطولات، بل كان قوة كروية تفرض هيمنتها على العالم، ولا يليق بقميصه سوى العظماء الذين يتركون بصمتهم في ذاكرة الجماهير. ومع احتفال النادي الملكي بذكرى تأسيسه الـ123، دعونا نسلط الضوء على خمسة من أعظم أساطير ريال مدريد، الذين شكلوا ملامح تاريخه وجعلوا منه نادي القرن.

 

1- ألفريدو دي ستيفانو.. الأب الروحي لعصر البطولات

 

حين يُذكر ريال مدريد، فإن اسم ألفريدو دي ستيفانو يتصدر القائمة، فهو النجم الذي غير مسار النادي وجعله قوة لا تُقهر. انضم الأرجنتيني إلى ريال مدريد عام 1953، قادمًا من ميلوناريوس الكولومبي، ليبدأ عهدًا جديدًا من السيطرة الكروية.

 

دي ستيفانو لم يكن مجرد هداف، بل كان لاعبًا شاملاً قادرًا على اللعب في أي مركز، قائدًا ميدانيًا، ورمزًا لعقلية الانتصارات التي أصبحت جزءًا من هوية ريال مدريد. خاض 392 مباراة وسجل 306 أهداف، وكان القوة الدافعة وراء تحقيق الفريق 5 ألقاب متتالية لدوري أبطال أوروبا بين 1956 و1960.

 

ما فعله دي ستيفانو لم يكن مجرد تسجيل أهداف، بل كان بناء فلسفة الانتصار التي أصبحت جزءًا من الحمض النووي لريال مدريد، لتبقى ذكراه خالدة في تاريخ النادي.

 

2- باكو خينتو.. الجناح الطائر وصاحب الرقم القياسي

 

إذا كان هناك لاعب حقق كل شيء مع ريال مدريد، فهو باكو خينتو، النجم الذي ظل وفيًا لقميص الميرنجي لأكثر من 18 عامًا، ليصبح أكثر لاعب تتويجًا بدوري أبطال أوروبا برصيد 6 ألقاب.

 

انضم خينتو إلى ريال مدريد عام 1953، قادمًا من راسينج سانتاندير، ليبدأ رحلة حافلة بالعطاء. خاض 594 مباراة، سجل خلالها 179 هدفًا وصنع 52 آخرين، لكنه لم يكن مجرد جناحٍ سريع، بل كان أحد الركائز الأساسية في العصر الذهبي للنادي.

 

تميز خينتو بقدرته على اختراق الدفاعات بسرعته الفائقة ومراوغاته المبهرة، ليصبح رمزًا للعصر الذهبي لريال مدريد، ويبقى حتى اليوم أحد أعظم أساطيره.

 

3- كريستيانو رونالدو.. ماكينة الأهداف وأسطورة العصر الحديث

 

في عام 2009، حطّ البرتغالي كريستيانو رونالدو رحاله في العاصمة الإسبانية، قادمًا من مانشستر يونايتد في صفقة تاريخية بلغت 94 مليون يورو. لم يكن أحد يتوقع أن هذا اللاعب سيتحول إلى أعظم هداف في تاريخ النادي، لكن رونالدو كان مختلفًا، وكان يعرف جيدًا كيف يحطم الأرقام.

 

خلال 9 سنوات فقط، خاض 438 مباراة، وسجل 450 هدفًا، ليصبح الهداف التاريخي لريال مدريد، كما صنع 131 هدفًا، وساهم في تحقيق 4 ألقاب لدوري أبطال أوروبا خلال 5 سنوات، من بينها ثلاثية تاريخية متتالية بين 2016 و2018.

 

أهدافه الحاسمة، ضرباته المقصية، احتفالاته الشهيرة، وروحه القتالية جعلته أيقونة العصر الحديث لريال مدريد، وواحدًا من أعظم اللاعبين الذين ارتدوا القميص الأبيض.

 

4- لوكا مودريتش.. المايسترو الذي أعاد السحر لخط الوسط

 

في عام 2012، لم يكن كثيرون يؤمنون بأن لوكا مودريتش سيصبح أحد أعظم لاعبي ريال مدريد، لكن الكرواتي الهادئ أثبت للجميع أنه لاعب من طراز فريد.

 

منذ انضمامه قادمًا من توتنهام هوتسبير، تحول مودريتش إلى العقل المدبر للفريق، وصاحب التمريرات الساحرة، والمايسترو الذي يُحرك الإيقاع كما يشاء. خاض 576 مباراة، سجل خلالها 43 هدفًا وصنع 92 آخرين، وكان أحد العناصر الأساسية في عصر زيدان الذهبي الذي شهد التتويج بـ 3 بطولات متتالية لدوري أبطال أوروبا.

 

في عام 2018، كسر مودريتش هيمنة ميسي ورونالدو على جائزة الكرة الذهبية، ليصبح أول لاعب منذ عام 2007 يفوز بالجائزة بعيدًا عن الثنائي الأسطوري. ولا يزال حتى اليوم، رغم تقدمه في السن، أحد أعمدة ريال مدريد، وواحدًا من أعظم لاعبي الوسط في تاريخ النادي.

 

5- سيرجيو راموس.. القائد الذي لا يعرف المستحيل

 

إذا كان هناك لاعب يُجسد روح ريال مدريد، فهو سيرجيو راموس، المدافع الذي لم يكن مجرد قائد، بل كان رمزًا للقتال حتى اللحظة الأخيرة.

 

انضم راموس إلى ريال مدريد عام 2005 قادمًا من إشبيلية، وبمرور السنوات، تحول إلى أحد أعظم القادة في تاريخ النادي. خاض 671 مباراة، سجل 101 هدف، وهو رقم مذهل بالنسبة لمدافع، خاصة أن كثيرًا من أهدافه جاءت في اللحظات القاتلة.

 

لكن يبقى هدفه في نهائي دوري أبطال أوروبا 2014 ضد أتلتيكو مدريد في الدقيقة 93، أعظم لحظة في مسيرته، حيث أنقذ الفريق من الخسارة، وقاده إلى تحقيق اللقب العاشر في تاريخ النادي. كان ذلك الهدف نقطة تحول في مسيرة ريال مدريد الأوروبية، وبداية عصر ذهبي استمر لسنوات.

 

راموس لم يكن مجرد مدافع، بل كان أسطورة حقيقية، قاد ريال مدريد لتحقيق العديد من الألقاب، وبقي رمزًا للفخر والإصرار حتى رحيله في 2021.

 

ريال مدريد.. نادٍ يصنع الأساطير ولا يعرف التوقف

 

هذه الأسماء ليست سوى جزء بسيط من تاريخ ريال مدريد العظيم، فهناك العديد من النجوم الآخرين الذين تركوا بصمتهم في مسيرة النادي، مثل زين الدين زيدان، راؤول غونزاليس، إيكر كاسياس، روبيرتو كارلوس، رونالدو نازاريو وغيرهم الكثير.

 

ريال مدريد ليس مجرد نادٍ، بل هو تاريخٌ متجدد، وأسطورةٌ لا تنتهي. كل جيل يشهد ولادة نجم جديد، وكل فترة تأتي بأبطال جدد يحملون راية النادي نحو المجد. وبينما يحتفل النادي الملكي بذكرى تأسيسه الـ123، يبقى السؤال: من سيكون الأسطورة القادمة التي ستُخلد في كتب التاريخ؟

زر الذهاب إلى الأعلى