تقارير

الكاتيناتشو طريقة قتلت متعة كرة القدم وحققت الكثير من البطولات

‏كلمة “كاتيناتشو” بالترجمة الحرفية تعني “قفل الباب” وهو أسلوب ذاع صيته ولاقى نجاحا كبيرا في فترة الثمانينات إلى بداية التسعينات في إيطاليا تحديدا رغم أن من ابتدعه ليس إيطالياً البتة ،يستخدم المصطلح بشكل عام للإشارة إلى تكتيك الدفاع المغلق تماما في وجه الخصم وبشتى الطرق الممكنة ،‏هي طريقة لعب من أصول سويسرية ويعدّ الأب الروحي لهذا التكتيك هو كارل رابان حيث قام بتطبيقه أول مرة سنة 1932 أثناء توليه قيادة فريق سيرفيت السويسري حيث ابتدع خطة دفاعية جديدة يعجز المنافسين عن قهرها خاصة في ظرف انتشار طرق لعب هجومية مختلفة في ذلك الوقت
 
اللعب في الخطة التكتيكية بشكل عام كان يعتمد على خط دفاعي مكون من أربعة لاعبين يجيدون تطبيق الرقابة اللصيقة على لاعبي فريق الخصم، إضافة إلى لاعب خامس سريع التنقل يقوم بدور التغطية خلف المدافعين الأربعة وأمام حارس المرمى مباشرة يسمى برجل القفل أو “الليبرو” ‏،كما أن لرجل القفل مهاماً هجومية مماثلة لمهام صناع اللعب الكلاسيكيين حيث كان هو أول المعنيين بالتغير التكتيكي الحادث ،ويعتبر فرانز بيكنباور أفضل من لعب مركز الليبيرو حيث كان يقوم بأدوار كبيرة في فترات اللعب الهجومية طبقا لأسلوب رابان وكذلك القيام بأدوار دفاعية على طريقة روكو
،‏الخطة كان توزيعها على أرضية الميدان 5-4-1 وتختلف باختلاف فترات المواجهة ما بين الهجوم والدفاع، بحيث تعتمد على انتقالات سريعة لتلاثة لاعبين على أرضية الميدان ما يجعل هذه الخطة تنتقل إلى 1-4-2-2-1 في حالة الدفاع و تنتقل إلى خطة هجومية بتوزيع 4-1-2-2-1 أو حتى 4-1- 2-3 ،‏أما خط الوسط فيتكون من أربع لاعبين، اثنين في القلب وجناحين على الأطراف يتحول دورهما بتحول الحالة، أمامهم مهاجم صريح ووحيد في الهجوم يستمد الدعم بصورة أساسية من الجناحين.
 
‏وأهم ما في هذا التكتيك بأنه يضيق المساحات بين لاعبي خط الدفاع والوسط بما لا يترك فراغا ممكنا، كما أنه يتطلب لاعبي دفاع طوال القامة لإبعاد الكرات العالية، وأقوياء البنية الجسدية للفوز بالإلتحامات الجسدية، ويجب حرمان هجوم الخصم من التقدم نحو منطقة الدفاع حتى لو ارتكب المدافع خطأً ،‏أسلوب المدرب كارل رابان أو ما يسمى بالكاتيناتشو لاقى نجاحا باهرا في وقتها خاصة أنه أوصله لتدريب المنتخب السويسري لا بل وتمكن من الفوز على العديد من المنتخبات العريقة في تلك الفترة وأهمها إقصائه لمنتخب ألمانيا من منافسة كأس العالم سنة 1938 ،‏كيف بدا الأمر إيطالياً؟! ،نيريو روكو أول من نقله إلى إيطاليا حيث قام بتطويره ومنذ ذلك الحين أصبح المصطلح مرادفا لكرة القدم الإيطالية، حتى أصبح المحللون يطلقون تسمية كالتشو كاتيناتشو على الدوري، وحقق روكو نجاحات باهرة مع تريستينا في الخمسينات ومع ميلان في الستينات بفضل تكتيك القفل .
 
‏الكاتيناتشو الحديث هي طريقة لعب إيطالية بحتة تعني مزلاج الباب والتي قامت بواسطة هيلينيو هيريرا في إنتر فبعد تركه برشلونة عام 1960 وتوليه تدريب إنتر ميلان، حقق المدرب الأرجنتيني سبعة ألقاب منها اللقبين التاريخيين في دوري الابطال ولقبي كأس الإنتركونتيننتال إضافة إلى 3 ألقاب دوري ، ‏أغلب انتصارات هيريرا كانت بنتيجة 1-0، ذلك الأمر كان سببه الأساسي الاعتماد على خطة الكاتيناتشو بأسلوب مختلف تمامًا حيث ابتدع اشتقاق لخطة 5-3-2 حيث كان الرسم لفريق هيريرا 1-3-4-2 في الحالات الهجومية و 1-4-3-2 في حالات الدفاع عبر تراجع الجناح الأيمن في خط الوسط لمركز الظهير الأيمن ،‏وبالرغم من القوة الدفاعية لهذه الخطة إلا أن قوتها الهجومية تكمن في جناحي خط الوسط ومهاجم متأخر ومهاجم كلاسيكي أمامهما، هيريرا كان يعتمد على الدفاع طوال الوقت واستغلال الفرصة المثالية (سواء من هجمة مرتدة، كرة ثابتة أو اقتناص أخطاء الخصم) لتسجيل هدف الفوز ،‏ثم العودة بكامل اللاعبين لاستخدام أسلوب دفاع المنطقة عدا ثنائي الهجوم وهو ما جعل هجمات المنافسين مجرد تمرير عرضي للكرة بين لاعبي الفريق المنافس دون أي فاعلية في ظل عدم تواجد أي ثغرة لاختراق دفاعات إنتر ميلان.
 
‏في عصر النور لكل من نادي إنتر ميلان والمنتخب الإيطالي وذلك إثر تطبيق الدفاع المطلق اعتقد الكثير أن هذا التكتيك لا يمكن هزيمته وتمت السيطرة على الكرة العالمية وإنهاء عصر استحواذ البرازيل على الكأس العالمية، ولكن العكس تماما قد حدث، حيث تمكن أكثر من فريق من خرق الكاتيناتشو ،‏ونجح فريقان على الأقل في كسر شوكة هذا الأسلوب وقتها، وكان ذلك في نهائي دوري الأبطال لسنة 1967 على يد فريق سيلتيك الإسكتلندي باعتماد الخطة الهجومية 4-2-4 وهي خطة هجومية مطلقة إندثر إستخدامها تدريجياً في كرة القدم الحديثة و لم يعد لها أي استخدام يذكر في وقتنا الراهن ،‏مونديال 70 نخبة السامبا، خطة هجومية بشكل مختلف.. زاغالو وبخداع استراتيجي ترك الإستحواذ للمنتخب الإيطالي على عكس العادة، وبعد أن نال التعب والإرهاق نصيبه منهم تحولت موازين القوى وكثف الفريق البرازيلي هجماته ليفوز بالبطولة بعد أن لقن المنتخب الإيطالي درسا لا ينسى في عالم المستديرة .
 
‏المصطلح الشهير “parking the bus” مدى علاقته بأسلوب الكاتيناتشو.. هل هو جزء؟ هل هو أسلوب مستقل بذاته؟
مورينيو مثلاً لا يهتم بآراء الناس حول ما يفعله، ويقول دائما أنه يهتم بالنتيجة وقد لا يكون الحال مرضيا للجماهير ولا ضير في ذلك، فالتاريخ لا يذكر الكماليات وإنما النتيجة فحسب ،‏parking the bus يعني وقوف اللاعبين جميعا خلف الكرة بطريقة منظمة تمنع اختراق الخصم حتى أن الأجنحة تصبح أظهرة والأظهرة تتحول إلى القلب وهذا يجعل الدفاع مكونا من 6 لاعبين وتصبح المساحات ضيقة للغاية علي طول الخط الخلفي، يبقى الفريق منظما ولاعبيه قريبين للغاية من بعضهم دون أدنى ثغرة ،‏إيجابيات أسلوب الكاتيناتشوهذا التكتيك فعال جدا في إغلاق مناطق الدفاع مما يقلل خطورة الخصم على المرمى بشكل كبير ،هذا التكتيك يعتمد على اللعب الجماعي، وهو ما يقلص دور كل لاعب على حدى بشكل كبير، مما يقلل من الأضرار على الفريق في حال الغيابات للإصابة أو للبطاقات الملونة.
 
يمنح هذا التكتيك للفريق الذي يطبقه إمكانية المرتدة بشكل جيد، وذلك لأنه يتطلب من الخصم الهجوم بشكل مكثف وبعدد كبير من اللاعبين، مما يؤدي إلى تقدم لاعبي الخصم إلى مناطق الهجوم وترك فراغات كبيرة في الخلف، وهنا سيكون للتمريرات الطويلة المرتدة مفعول خطير ،‏سلبيات أسلوب الكاتيناتشو هذا الأسلوب غير ممتع للجماهير، وقد يؤدي إلى تراجع شعبية الفريق أو محبيه حتى مع تحقيقه نتائج جيدة ،قد يؤدي هذا التكتيك إلى حصول الخصم على ضربات جزاء أو كرات حرة قريبة من المرمى لأن اللعب سيكون محصورا في مناطقه الخلفية ،‏- كما أسلفنا فإن نهائي مونديال 70 كشف عن عيب واضح، وهو قلة الهجوم ومنح الخصم الفرصة للسيطرة على المباراة تماما، كما أنه قد يؤدي للتعادل بنسبة كبيرة، أو الفوز بنتيجة فارق هدف وحيد، وما أن يتلقى الفريق هدفا واحدا حتى يصبح من الصعب التعويض والعودة للمباراة من جديد .
 
‏بدأ الكاتيناتشو بالزوال تدريجيا مع تطور كرة القدم إلى الأسلوب الشامل حيث مشاركة جميع اللاعبين في الهجوم والدفاع، ولم يعد مفيدا بشكل كبير حتى زال تماما بشكله الأصلي، ولكن مازال هناك بعضا من أجزاءه مستخدمة على نطاق ضيق كما مورينيو وسميوني وغيرهم..
 

Back to top button